رئيس بحوث بقسم بحوث متبقيات المبيدات وتلوث البيئه- المعمل المركزي للمبيدات- مركز البحوث الزراعيه
المبيدات هي مواد كيماوية فعالة حيوياً، تم اختبارها من قبل الجهات البحثية المعنية من حيث سلامتها وفعاليتها قبل السماح باستخدامها. وقد أصبحت المبيدات اليوم جزء لا يتجزء من حياة الإنسان ويمثل استخدامها أمرا لا مفر منه أمام المزارعين الذين تتعرض محاصيلهم الزراعية للعديد من الآفات التي تهدد إنتاجهم من تلك المحاصيل وتلعب دورا كبيرا في مكافحة الآفات.
وفي حالة سوء استخدام المبيدات من قبل مستخدميها، فإنها تصبح مواد سامة وضارة سواء للإنسان أو الحيوان أو البيئة المحيطة بهما، لذا يجب على المزارعين ومستخدمي المبيدات التقيد بالبيانات المذكورة على عبوات المبيدات وخاصة فيما يتعلق بالجرعات الموصى بها من قبل الشركات المنتجة أو الجهات البحثية المعنية بالتجارب على المبيدات.كما يجب الالتزام بإرشادات السلامة من مخاطر المبيدات والمدونة في بطاقة البيانات.
وإذا كان هناك أشخاص يتعرضون للموت نتيجة سوء استخدام المبيدات من قبل البعض من مستخدميها أو عن طريق الصدفة، فهناك الملايين الذين ينعمون بوافر الصحة والعافية نتيجة استهلاكهم لمنتجات زراعية تم معالجتها من الآفات الزراعية الخطيرة التي كانت تهددها.
كما يعتبر الاستخدام السليم والأمثل للمبيدات هو الحل الوحيد لتجنب الأضرار التي قد تحدث من جراء استخدامها، حيث أنه وبإساءة استخدامها تصبح المبيدات شديدة الخطورة على الشخص المستخدم لها.
كما أن سوء استخدام المبيدات والاستخدام غير المرشد والمقنن والموصى به من قبل الشركات المنتجة للمبيدات أو من الجهات البحثية المعنية بتجارب المبيدات وخاصة في الدول النامية أو الدول التي تمر إقتصادياتها بمرحلة إنتقالية حيث يسود عدم الوعي بمثل هذه الأمور بين مجتمعات المزارعين، يؤدي إلى حدوث العديد من الأضرار نتيجة لذلك.
وقد لوحظ أن معظم حوادث التلوث بالمبيدات تحدث نتيجة لعدم تقيد والتزام المزارعين ومستخدمي المبيدات بالتحذيرات الأولية عند استخدام تلك المبيدات والمذكورة في بطاقة البيانات الموجودة على عبوات المبيدات، كما أن فرض رقابة مشددة من قبل الجهات المعنية بالمبيدات في كل دولة يعد من الأمور الأساسية للوقاية من التلوث بتلك المبيدات.
يخلط الكثير من الناس بين المعنى الحقيقي لسمية ( Toxicity ) وضرر ( Hazard ) المبيدات ويعتقدون بأن للمصطلحين معنى واحد، إلا أنه في الحقيقة يوجد فرق كبير بين الكلمتين.
فالسمية تعني قدرة المبيد على إحداث الأثر السام في حيوان التجربة، بينما تعني كلمة ضرر مقدار الأثر الضار الناتج من جراء استخدام المبيد في المجالات العملية.
وفي الواقع إن ما يهم مستخدمي المبيدات هو كمية أو مقدار الضرر الذي ينتج عن تلك المبيدات وليس سميتها، ولو أن مقدار الضرر يعتمد على درجة سمية المبيد، بالإضافة إلى فرصة التعرض لكميات سامة منه .. وفي هذه الحالة يمكن تعريف السم ( Poison ) بأنه أي مادة إذا تم إدخالها إلى جسم الكائن الحي بكميات صغيرة نسبيا تؤدي كيماويا إلى موت الأنسجة الحية أو إصابتها إصابة بالغة.
هذا وقد تدخل المبيدات الجسم عن طريق اختراقها للجلد أو بواسطة الابتلاع عن طريق الفم أو حتى عن طريق الاستنشاق.
فالجلد على سبيل المثال لا يلعب دور الحاجز وقد تمتص المبيدات إلى داخل الجسم إذا حدث تلامس بين المبيد والجلد، لذا يجب على مستخدمي المبيدات تجنب ملامسة الجلد للمبيد.
ويعتبر ابتلاع المبيد عن طريق الفم أكثر خطورة من امتصاصه عن طريق الجلد، لذا يجب على مستخدمي المبيدات حفظ المبيدات في أوعيتها الخاصة بها وعدم تفريغها في عبوات أخرى )لا توجد عليها بطاقة بيانات المبيد) وقد تحدث التباسا لدى الآخرين وخاصة الأطفال وأولئك الذين لا يجيدون القراءة.
كما ينصح دائما عدم الأكل أو الشرب أو التدخين أثناء التعامل مع المبيدات، بالإضافة إلى أن هناك خطورة كبيرة قد تنتج من جراء استخدام العبوات الفارغة لتخزين الأغذية والمشروبات.
وحيث أن بعض مستحضرات المبيدات عبارة عن مساحيق وحبيبات، فقد ينتج أثناء الخلط والتجهيز غبار أو أبخرة يمكن أن يستنشقها مستخدم المبيدات وبالتالي يتم امتصاصها من خلال الرئة.
لذا يجب التأكد من أن عملية الخلط تجري خارج الغرفة المغلقة أو في ظروف تهوية جيدة. ومن الأهمية بمكان كذلك الابتعاد عن رذاذ المبيد المتساقط أثناء إجراء عمليات المكافحة. وبشكل عام يجب توفر الماء النظيف والصابون في أماكن العمل للمساهمة في الوقاية من التعرض للمبيدات أو التسمم.
وبناء علي ذلك قامت لجنة مبيدات الافات الزراعيه بجمهورية مصر العربيه في العمل نحو استحداث مهنة مطبق مبيدات معتمد في مصر منذ عام 2018، حيث تم تأهيل شباب الخريجين من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة علي التطبيق السليم والمسئول للمبيدات.
وتنص المادة رقم 4 من القرار الوزاري 974 لسنة 2017 علي ان تقوم لجنة مبيدات الآفات الزراعية بمنح تراخيص مزاولة مهنة مطبقي مبيدات الآفات الزراعية من حملة المؤهلات المتوسطة بموجب شهادات معتمدة بعد اجتياز البرامج التدريبية المقررة، على أن يتم تجديدها كل أربع سنوات.
و تعمل تلك البرامج على استحداث مهنة جديدة تضاف للمهن الزراعية وهي مهنة مطبق مبيدات وتستهدف اللجنة تأهيل وتدريب50 ألف شاب من حملة المؤهلات المتوسطة مما يعطيهم فرص للعمل الحر يحقق لهم دخل شهري جيد فضلا عن حماية البيئة والصحة العامة والحد من تلوث المحاصيل والمنتجات الزراعية بمتبقيات المبيدات.
ليس هذا فحسب ولكنها تساهم في مكافحة الغش والتهريب وأحد الوسائل الجيدة لإيجاد آلية لتتبع المبيدات التي يتم تطبيقها على المحصول بغرض تقليل متبقيات المبيدات في المحصول، وهذا الأمر هو أحد متطلبات الاتحاد الاوربي التي تنص على ضرورة وجود نظام لمطبقي المبيدات المدربين والحاصلين علي شهادات معتمدة. وتعمل اللجنة جاهدة على تكثيف هذه الدورات لمضاعفة عدد المتدربين حتى يمكن الوصول إلى تدريب العدد المستهدف50 ألف متدرب خلال أعوام قليلة قادمة تستطيع تغطية كافة المساحة المحصولية في مصر.